» » اكتشافات أثرية جديدة في قطر تظهر جوانب من حياة الإنسان قبل الميلاد

 




في اكتشاف حديث، أعلنت إدارة الآثار في هيئة متاحف قطر، عن العثور على بقايا أثرية بمدافن العسيلة، أحد أقدم المواقع التاريخية في قطر، الواقعة على بعد 12 كيلومترا شرق مدينة أم باب، والتي يرجع تاريخها إلى الفترة ما بين أعوام 300 قبل الميلاد و300 بعد الميلاد.

وكشفت جهود التنقيب الأولية التي قادها فريق الآثار، عن اكتشاف بقايا إنسان دفنت في مقابر واسعة وبعناية تامة في قمة تل، ووجد بجانبها عدد من المقتنيات الخاصة، من بينها سيف وأدوات معدنية وأقراط ذهبية، وهيكل عظمي لناقة وصغيرها في غرفة حجرية متصلة بإحدى المقابر البشرية، يرجح أنهما قدما قربانا في أحد الطقوس.

ويبذل فريق البحث جهودا مضنية في عمليات التنقيب ورسم المواقع التي يرجح أنها تحتوي على آثار أركيولوجية، على الرغم من تعرض كثير من تلك المواقع الأثرية لأعمال نهب وسرقة وإتلاف في الماضي.

مواد خزفية عثر عليها الباحثون في موقع يوغبي شمال غرب قطر ترجع للقرنين السابع والثامن الميلاديين (متاحف قطر)

فهم حضاري أعمق

ويطمح فريق التنقيب أن يفتح هذا الاكتشاف الأثري الأخير في منطقة العسيلة الطريق لفهم أعمق للحضارات القديمة، ومعرفة وفهم أنماط الهجرة، والعادات الغذائية للأشخاص الذين عاشوا فيها خلال العصور الغابرة، وذلك بعد إخضاع تلك البقايا البشرية لتحليلات أنثروبولوجية وجزيئية متقدمة، بما في ذلك دراسة المواد الوراثية القديمة، وتتبع أثر تلك الحضارات في تشكيل تراث قطر.

ويرى مدير إدارة الآثار في متاحف قطر فيصل النعيمي أن أعمال التنقيب من المهام الأساسية في إدارة الآثار بمتاحف قطر، والأراضي القطرية زاخرة بالمواقع الأثرية التي تحمل شواهد كثيرة تدل على الاستيطان البشري الضارب في عمق التاريخ لهذه المنطقة، ولا سيما المقابر.

وأضاف النعيمي للجزيرة نت أن العمل في موقع العسيلة يندرج في إطار خطة منهجية مستمرة منذ سنوات للكشف عن آلاف المدافن في مختلف أنحاء قطر، بهدف تكوين تصور عام عن طبيعة حياة السكان الذين استوطنوا هذه المنطقة في العصور القديمة، ونتوقع أن تسهم الآثار التي اكتشفناها بعد إخضاعها لتحليلات دقيقة ومتطورة، في إغناء التراث القطري وتوثيقه والحفاظ عليه، وربطه بالحاضر.

أقراط ذهبية عثر عليها في موقع التنقيب (متاحف قطر)

وتعد مقابر العسيلة أحد مواقع الدفن العديدة التي تسعى متاحف قطر لاستكشافها في إطار برنامج الأولويات الوطنية للبحث العلمي الذي يقوده مركز سدرة للطب، والصندوق القطري لرعاية البحث العلمي، ويعنى بالبحث في البقايا البشرية والديموغرافيات في قطر منذ العصر الحجري الحديث إلى العصر الحديدي المتأخر.

وبعد هذا الاكتشاف، يظهر أن موقع العسيلة لا يزال يحمل شواهد أثرية لم يتم اكتشافها بعد، وسيقدم معلومات جديدة حول تربية الإبل واستخداماتها، وأيضا حول الطقوس المتبعة في شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام، في تشابه مع كشف أثري سابق بمقبرة مشابهة في منطقة المزروعة عام 1961، والتي احتوت على بقايا جمل هجين من الجندال والكتار.

بيئة مزدحمة

وفي مارس/آذار عام 2019، أعلن عن اكتشاف أحد أقدم المواقع الأثرية الإسلامية في قطر بمنطقة يوغبي شمال غربي البلاد، بعد جهود علمية مشتركة بين متاحف قطر وكلية لندن الجامعية في قطر تحت عنوان "صحراء مزدحمة".

صورة لبقايا هيكل عظمي لناقة وصغيرها بمدافن العسيلة (متاحف قطر)

وصنف الموقع بأنه واحد من أقدم المواقع الإسلامية في المنطقة، التي ترجع إلى نهاية العصر الساساني (538-670 ميلادي)، في حين تعود الآثار المعمارية التي لا يزال الموقع محتفظا بها -بحسب ما يعتقده الباحثون- إلى العصر الأموي (661-750 ميلادي).

وتكمن أهمية الاكتشافات بمنطقة يوغبي في أنها تقدم رواية مغايرة لما يعتقده الأكاديميون من أن استيطان منطقة الخليج في عصر صدر الإسلامي مرتبط بحركة ازدهار التجارة مع الدول المطلة على المحيط الهندي، وهي الطفرة التي حدثت بعد تأسيس مدينة بغداد عام 762 ميلادي ومدينة سيراف حوالي عام 800 ميلادي.

ومن بين الآثار التي عثر عليها الباحثون في الموقع مواد خزفية ترجع للقرنين السابع والثامن الميلاديين، وبقايا زجاج ومعادن وأوان حجرية وأدوات صيد ترجع لصدر الإسلام.

ولم تكتفِ متاحف قطر بالتنقيب عن الآثار في البر، بل أشرفت منذ عام 2017، على مجموعة بحثية مكونة من خبراء دوليين ومحليين متخصصين في مجال الدراسات البحرية، للعمل على مشروع بحثي هو الأول من نوعه في منطقة الخليج، من أجل استكشاف خصائص البيئة البحرية لدولة قطر وآثارها الغارقة.

أثناء ترسيم موقع أثري إسلامي بمنطقة يوغبي شمال غربي قطر (متاحف قطر)

وقد انبثق المشروع من اتفاقيات التعاون التي وقّعتها متاحف قطر مع جامعة قطر وجامعة يورك البريطانية ووزارة التراث الثقافي والأنشطة السياحية الإيطالية، بهدف البحث عن الآثار الغارقة في المياه القطرية ودراسة طبيعة بيئتها البحرية.

ويستمر المشروع على مدار 5 أعوام تقريبًا، وتهدف متاحف قطر من ورائه إلى سبر أغوار البيئة البحرية القطرية باعتبارها مفتاحًا للدخول إلى عوالم قديمة تكشف كثيرا من الأسرار المرتبطة بالأنماط المعيشية والسلوكية، فضلا عن المفاهيم الدينية والاجتماعية والاقتصادية المرتبطة بالبحر في العصور الماضية.

المصدر : الجزيرة

عن موقع رامي حاج سعيد

ً موقع فلسطيني مختص بمتابعة الشأن الفلسطيني والعربي والإسلامي وفق نظرة تتبنى خيار المقاومة وتحرير المقدسات
»
السابق
رسالة أقدم
«
التالي
رسالة أحدث
View My Stats