» » حرب عالمية ستبدأ في القريب العاجل والاقتصاد هو السلاح

 



 بقلم علاء الدين لاذقاني 

 

لا يبدو المستقبل مريراً كفاية برغم قساوة المشهد الذي نعيشه , الشعوب اليوم تمر في أسوأ حالاتها النفسية والمادية والمعنوية والصحية . 

تبعاً لهذه المعاناة التي ترافق العامة , فلن يؤثر علينا كلام ناطق إعلامي أو محلل سياسي , أو متحدث باسم نفسه يدفع الأموال لقاء شهرته , ليروي لنا التداعيات التي ستنتج عن فيروس كورونا "covid 19", والتي تنذر بحرب شاملة تستهدف جميع الدول المنتشرة عبر القارات . 

فهل الشهور والسنوات القادمة ستحمل رهبة الجوع مع انتشار الفقر , وهل ستتغير الادوات عن ما سبقها , لتصبح الحرب سلاحها لقمة العيش بدلاً الخوف من الموت بالبارود . 

 

أسباب نشوب الحرب الإقتصادية الشاملة .

 

إن أمعن المفكرون والمتابعون للمشهد العام , يرون أن الموضوع أبسط من ما يأتي به الإعلام من مسميات تثير الرهبة في نفس العامة , وكنت دائماً أقولها : إن أردت أن تعرف حقيقة الخبر ومصداقيته فارجع لمجريات الأحداث التي سبقت الحدث الحالي , لتفهم ما هي الحكاية , وما سينتج عنه  . 

 

بداية دخول القرن الحادي والعشرين, باتت التكنولوجيا هي المسيطرة كلياً على سياسات الدول, اقتصادياً عسكرياً وحتى اجتماعياً. فبات عمل أي دراسة أو استفتاء لا يأخذ منك إلا يوم واحد لتخرج بالنتيجة المرادة . 

 

ومع حلول العام 2010 بتنا نشهد إشهار شركات جديدة غير معروفة الأصل ولا المورد , وفي جميع المجالات, فكان التعريف عنها يحمل إسم " شركات متعددة الجنسيات " .

الشركات هذه شملت الكثير من النشاطات , منها : شركات اتصالات ونقليات وإلكترونات ووقود وخدمات الخ.

حتى في مجال الإعلام بات لدينا اليوم أكثر من مصدر إعلامي , وأغلبها متضاربة الفكرة والتوجه والرأي , جعلت الإعلام كالسوق والبازار المفتوح , أما الرابح , فهو لمن يقدم فكرة أسوأ تضلل المتلقي .

 

حسب دراسة أقامتها المنظمة العالمية للملكية الفكرية ( ويبو ) لسنة 2013 , والتي تطرقت في حديثها عن ازدياد الطلب على العلامات التجارية , وظهور شركات تحت مسمى شركات متعددة الجنسيات , استباحت السوق العالمي , وأصبحت طرف مدخر للميزانية  . 

فقد ذكرت الدراسة أن حجم الاستثمارات العالمية من قبل الشركات باتت تشكل نحو نصف تريليون دولار أمريكي , وهذا الرقم بسبب سرعة نمو الشركات المتوسطة التي ظهرت في السوق العالمي , أي أن هذه الشركات ليست فردية صغيرة , وليست شركات كبيرة مدعومة من قبل البنوك الدولية . 

 

والجدير بالذكر فإن هذه الشركات التي نعتبرها عشوائية ليس لها أصول وليس لها دعم ظاهر, كان أغلبها ناشئا في الصين , ودخلت من خلال علاماتها التجارية العالمية للسوق الأوروبي والعربي والأمريكي , لتبسط نفوذها عليها شيئا فشيئاً  , فباتت تؤثر على الشركات الكبيرة المستندة على الصندوق الحكومي بشكل سلبي , لكونها تدخل في جداول الميزانية العامة ولكن دون أصول بنكية ظاهرة , تتيح للجهة المالية التحكم بنشاطاتها. 

 

في القانون الاقتصادي والذي دائما يكون مرتكزاً تُبنى عليه السياسات من خلال الدراسات التي تقام يومياً, نجد أن دفة الاقتصاد إن بقيت على هذا الحال , ستكون مصادر دخل الدول في خطر , أي أن كبرى الشركات المدعومة من قبل الدولة أنشأت لتكون سلاح اقتصادي تستعين به الدولة للضغط على بلدان أخرى مستفيدة من السلعة التي تقدمها هذه الشركة , والدلائل كثيرة على حروب وسجالات سببها الشركات , ونذكر منها : 

 

1- الحرب الكبرى في مجال الاتصالات بين شركتي آبل و هواوي  والتي تدخلت بها أعظم دولتين (أميركا والصين) لتصبح حرباً شملت السياسة والإقتصاد وحتى يمكن أن تتحول لحرب عسكري . 

 

2- السجالات التي تعيشها دول الخليج وأميركا وروسيا من خلال حرب النفط التي أصبحت حرباً دبلوماسية سياسية كان  سببها الخروج عن المألوف من بعض الشركات النفطية الخاصة التي تنتج أكثر مما هو متفق عليه ليتوازن السوق النفطي . 

 

3- النزاع التجاري الذي نشب بين اليابان وأوروبا بالكامل بسبب شركة فولكس فاجن الألمانية وشركة تويوتا اليابانية والتي سميت حرب المواصفات , والتي أجبرت كبرى الشركتين على سحب مئات الآلاف من السيارات المطروحة في السوق . 

 

بالإضافة للعديد من الأمثلة لحروب اقتصادية في مجال العقارات والسياحة وغيرها أدت لتصادم دول .

 

إذاً اليوم إذا ما بقي السوق التجاري العالمي مستباح من قبل الشركات الغير مستندة على الدول , فإن التضخم بالناتج المحلي لأي دولة سيكون مفروضاً وواقعاً , لأن الشركات المتوسطة التي استباحت السوق والتي هي بأعداد مهولة , باتت تشكل عبئاً على الشركات الكبيرة والتي نسميها أذرع الدول , وأيضاً تساهم بشكل سلبي في الاستحواذ على العملة التي تدخرها لتخرجها للخارج .

 

بكل اختصار , الشركات العشوائية الناشئة المتوسطة متعددة الجنسيات,  تستفيد من السوق المالي , وتخرجه لخارج الدولة , لكونها أطلقت ورخصت تحت اسم شركات متعددة الجنسيات , أي أنها شركات تعمل خارج دولتها , وتفيد بها دولتها. 

 

السؤال : ما دخل الشركات الخاصة بسياسات الدول؟, وهل كبرى الشركات المشهورة والمعروفة , مدعومة من دولة المنشأ لتكون مُصدر دخل دائم؟ , وهل السلع التي نستخدمها تشترك الخصوصية فيها مع إدارات الأمن الخاصة ؟ .

 

توازن مقدرات الدخل هو ميزان الدول 

 

بالعودة للقوانين الاقتصادية المبسطة، كلما زاد المعروض من سلعة , كلما انخفض سعرها، ومتى زاد الطلب عليها ارتفع ثمنها، فعلى سبيل المثال، إذا كان هناك فائض في إنتاج السكر فإن أسعار السلع الغذائية سوف تنخفض بالتبعية، والعكس صحيح.

 

العرض والطلب هو نموذج اقتصادي لتحديد الأسعار في سوق التنافسية ، بمعنى أن البائع أو المشتري لا يمكنه أن يؤثر على سعر سلعة أو خدمة، ولكن غالباً لا تتحقق هذه الفرضية بسبب عدم أو ندرة وجود ما يسمى بالمنافسة الكاملة , وهنا نصل لفكرة الحرب الاقتصادية القادمة . 

هي حرب على الشركات الشائعة في الأسواق , والتي لا ترتبط بشكل مباشر مع الدول, وتصنيفها حسب المسمى يأتي "شركات عشوائية" , يجب التخلص منها بغض النظر عن حجم ميزانيتها أو دخلها , وهذا لكونها تسبب التضخم الذي يؤدي الى نسبة التغير في أسعار السلع والخدمات إلى مستوى غير المتفق عليه .

هذا ينتج عنه نقص كمية النقد المتداول، والذي أصبح ضمن حسابات الشركات العشوائية التي تضيفه في أرصدتها, والذي باتت البنوك تعاني منه .

فمثلما صرحت بعض البنوك الألمانية مؤخراً أنها تعاني من عدم إمكانية حفظ الأموال في مخازنها لكثرتها . 

 

الحرب الإقتصادية لمكافحة العشوائية 

 

الثغرة كورونا (covid19)  تصلح ما أفسدته البارونات , والبارون هي  تسمية شائعة في عالم البورصة , تقال لأصحاب رؤوس المال الذين يجمعون أصحاب الشركات على نطاق الدولة في مجلس واحد , و يأملون من خلاله  كسب رضا الدولة , أو إرغامها على أن يتحكمون بالسياسات .

 

المثال الأوضح لهذا المسمى هو بابلو اسكوبار , فعندما أصبح بارون المخدرات وامتلك المال , ودخل معترك السياسة , آملاً في أن يغير سياسة أميركا تجاه كولومبيا , ادى هذا الى التخلص منه كونه اقتصادي عشوائي وليس لأنه إرهابي مجرم . 

 

كورونا اليوم هي الإصلاح , فقد توقفت عجلة العمل وجُعلت الشركات العشوائية ( التي لا تتبع للحكومة ) تتكبد خسائر كبيرة تجعلها تدفع أغلب ما جنته خلال السنوات الماضية , أملاً منها باستمرار عملها لاحقاً , ولكي تحافظ على اسمها في السوق بالرغم من توقف عملها كليا بسبب كورونا , وهذا يسمى مصارعة الموت .

 

هذه الشركات تأمل أن تُقرِض الدولة المال لهم وبأية شروط كانت , تحجيم الصادرات , زيادة الإنفاق , رفع الضرائب , أو الخروج من سوق الاقتصاد والإفلاس .

 

لهذا اليوم نرى تصريحات من بعض الدول برفع الضرائب على الشركات الكبرى تحت عنوان دعم الدولة بسبب توقف النمو التجاري , والحفاظ على النظام الاقتصادي.

بالمقابل هناك دعم كبير للشركات المتوسطة والصغيرة من قبل الدول بشكل غير محدود.

 

النقطة هنا توصلنا لما بدأنا, وهو التخلص من الشركات العشوائية حتى توقف عملها , ورفع نسبة الضرائب عليها لتكون بين خيارين, إما الانسحاب من السوق التجاري, أو العودة للمسار المفروض ألا وهو شروط التغلغل الاقتصادي والالتزام بالتعليمات. 

 

الخلاصة : سيكون هناك ازدهار في سوق العمل للشركات الصغيرة والمتوسطة , والشركات التي خلقت من كنف البنك المركزي كونها أحد ركائزه , وبالمقابل إفلاس وتحجيم للشركات العشوائية , وانهيار مجالس البارونات التي تسعى لتغيير سياسات الدول لكونها تعدت المسموح ودخلت لمكان لا يجب الدخول له ألا وهو مركز صنع القرار . 

 

يقول باري باري جولدواتر

الحكومة الكبيرة بما يكفي لمنحك كل شيء ترغبه، هي أيضا كبيرة بما يكفي لتنزع منك كل شيء تملكه.

 

بقلم علاء الدين لاذقاني 



عن موقع رامي حاج سعيد

ً موقع فلسطيني مختص بمتابعة الشأن الفلسطيني والعربي والإسلامي وفق نظرة تتبنى خيار المقاومة وتحرير المقدسات
»
السابق
رسالة أقدم
«
التالي
هذا الموضوع هو الاحدث.
View My Stats